العقليات العسكرية التي تحكم كثيراً من بلادنا العربية

بعض العقليات العسكرية التي تحكم كثيراً من بلادنا العربية تذكرني بقصة بلد العميان، تروي أحداث بلد العميان قصة متسلق للجبال يسقط في وادي سحيق وتُكتب له النجاة ليكتشف قرية كاملة كلها من العميان لم يروا النور قط وذلك جراء مرض غريب متوارث أصاب أجدادهم وتوارثوه فطبيعي أن تكون بيوتهم بلا نوافذ وطلاؤها بألوان فوضوية وعندما يحدثهم عن معنى البصر وما في الحياة من جمال يُستحق أن يشاهد ويحاول إصلاح حياتهم يتهمونه بالجنون ولا يكتفون بذلك بل يحاولون اقتلاع عينيه حتى يتخلص من جنونه ويصبح مثلهم ويشبههم، ما يضطره إلى الفرار بعدما كاد أن يوافقهم على فقأ عينيه ليعيش بينهم. إذا عدنا إلى واقع كثير من هذه الدول من حولنا نلحظ تشابهاً غريباً في الإصرار على القبح والتخلف ونشر الجهل واستبعاد كل من يحاول إصلاح ذلك بل واتهامه في عقله وإمكاناته ومواهبه فقط لكونه لا يشبههم أو يحذوا حذوهم حتى باتت البلاد ثكنة عسكرية كبيرة يتزعمها مجموعة من قيادات عسكرية غير مؤهلة لإدارة الدول عاشت أغلب عمرها في معسكرات بالصحراء تظن أنها تعلم كل شيء وأن البلاد من دونهم تضيع ولا يرتقي إلى جانبهم إلا أصحاب التملق والنفاق ومن يسايرهم في جهلهم وقبحهم ويجاريهم، فلا يجد أصحاب العقول إلا الفرار السريع والهجرة إلى مجتمعات قد يلقون التقدير فيها، ثم يأتي وجه التشابه الآخر بين هذه القصة والواقع في كون العمى المقصود هنا ليس عمى العيون فربما أعمى البصر لكنه أعظم إسهامًا في مجتمعه من كل المبصرين ولكن المقصود هنا عمى القلوب والبصيرة والعقول حيث يسيطر الجهل والجشع والتخلف على النفوس. مجتمعاتنا العربية ليست بحاجة إلى اختراع العجلة من جديد وما تمر به الآن مرت به كثير من بلدان الغرب قبل أكثر من قرنين وفي أمريكا اللاتينية خلال النصف الثاني من القرن العشرين فلا حاجة لخوض كامل التجربة من جديد فنكتشف في النهاية ما اكتشفوه ونسلّم به بعد فناء أجيال كاملة.

Comments

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *