تأثير استراتيجية الولايات المتحدة على الزراعة العالمية وتبعاتها على الدول النامية
سيتم تسليط الضوء في المقال على الاستراتيجية التي اعتمدتها الولايات المتحدة في الثمانينيات، والتي أهدافها كانت خفض الزراعة المحلية في الدول النامية وتعزيز استيراد المنتجات الزراعية الأمريكية. ستتناول المقال أيضًا تأثير هذه الاستراتيجية على الدول النامية، والتبعات السلبية التي أحدثتها على قدرتها على تحقيق الاكتفاء الذاتي في الزراعة والأمن الغذائي.
سأقدم معلومات حول السياق التاريخي لهذه الاستراتيجية، بما في ذلك قمة الملك عبدالعزيز والرئيس روزفلت التي ناقشت قضايا التنمية الزراعية والمائية، والتفاعل السعودي مع هذه النصائح بدبلوماسية حذرة. سأركز أيضًا على الآثار الحالية، مثل ارتفاع أسعار الحبوب في الدول النامية والتبعات الاقتصادية والاجتماعية التي نتجت عن ذلك.
هل يمكن لدولة تلقي بفائض قمحها في البحر حتى لا تنخفض أسعاره أن تتباكي على الدول الفقيرة التي تعاني الآن جراء القرار الروسي بتجميد اتفاقية نقل الحبوب؟ وهل تعلم أن استغناء العديد من الدول خاصة النامية منها عن زراعة محاصيلها الرئيسية والاكتفاء باستيرادها حتى باتت تحت رحمة الدول المصدرة كان في الأصل بتخطيط أمريكي؟
قبل عدة عقود وتحديدًا في مطلع الثمانينات، اعتمدت الحكومة الأمريكية استراتيجية للربط الاقتصادي بين دول العالم، خصوصًا الدول النامية، بهدف تسهيل التأثير عليها، وذلك من خلال إقناع هذه الدول باستيراد القمح والمنتجات الزراعية والصناعات الغذائية من أمريكا بأسعار رمزية، مما أدى إلى تقليل الزراعة المحلية والصناعات الغذائية المحلية بهذه الدول، واعتماد البلدان النامية في تأمين أمنها الغذائي على المنتجات الزراعية الأمريكية التي تتوافر بشكل جيد في معظم الأوقات وبتكلفة أقل، وكان وزير الزراعة الأمريكي جون بلوك يصرح دائمًا بأنه من الضروري ربط اقتصاديات الزراعة العالمية بالشركات الزراعية الدولية العملاقة والعابرة للحدود.
هذه النصائح الأمريكية لوقف استراتيجية التنمية الزراعية بالبلدان النامية لا تعتبر تدخلاً في الشؤون الداخلية لهذه الدول فقط، بل تهدف إلى ضعف الاكتفاء الذاتي لهذه الدول وتأثير الشركات الزراعية الدولية على صنع القرار فيها.
وفيما يخص السعودية ومن المثير للدهشة أن القمة بين الملك المؤسس عبدالعزيز ال سعود والرئيس الأمريكي روزفلت تناولت قضايا التنمية الزراعية والمائية بالفعل. ثم يأتي عهد الملك فهد بن عبدالعزيز وقد أنعم الله على المملكة بقيادة مستنيرة تمثلت حينها بالملك فهد ووزير الزراعة الدكتور عبدالرحمن آل الشيخ اللذين تعاملا مع هذه النصائح بدبلوماسية حذرة، وبفضل الله استطاعا تحقيق الاكتفاء الذاتي في زراعة القمح والمنتجات الزراعية، وأصبحت ملكًا لنا، وأصبح لدينا ما يكفي من الخبرة والقوة لاستعادة عرشها في أي وقت، بينما لسوء حظ العديد من الدول النامية أنها استسلمت للمطالب الأمريكية، مما تسبب في معاناة شعوبها من القرارات الكارثية التي اتخذتها قياداتها العسكرية الفاسدة والجاهلة، وهي الآن أشد المتضررين من قرارات تجميد اتفاقية نقل الحبوب وارتفاع أسعارها بالبورصات العالمية.
Leave a Reply