الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

Posted

in

by

بدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عقب سنوات حكمه الأولى بالظهور بمظهر الرجل القوي الحالم باستعادة أمجاد الإمبراطورية الروسية، فهو لاعب الجودو الذي دايماً يتفوق على خصمه والذي يظهر بنصفه العلوي عارياً في سيبيريا خلال عطلة رسمية مرةً وهو يصطاد ومرة على ظهر جواده ومرتديا نظارة شمسية في استعراض لما يعتبره جسداً مثالياً لتنشر بعد ذلك أشهر صحيفة روسية دليلاً لقرائها عن كيفية الحصول على جسم مثالي كجسم بوتين، كان هذا قبل نحو 16 عامًا من الآن ما يبرز التحول السريع له من مجرد حاكم إلى طاغية يمتلك سلطات مطلقة توشك أن تكون سلطات إلهية، ويندمج في الدولة فيذوب فيها وتذوب فيه فتصبح الدولة هو وهو الدولة، وبعدما كان منفتحاً على الحريات والديمقراطية والانتخابات والصحافة في بداية حكمه عام 2000 صار ينتقدها علانية كما فعل في مؤتمر ميونيخ للأمن عام 2007 أي بعد أقل من سبع سنوات من حكمه ثم باتت مسألة الانتخابات الرئاسية تمثيلية سمجة بتولية دميتري ميدفيديف، ثم عودته للرئاسة، ومع تكريس بوتين لسلطاته الاستبدادية وانسحاب الشعب من المشاركة السياسة وازدياد القبضة الأمنية ظهر بوتين بوصفه حاكماً مستبداً بالكامل فيأخذ قرار سجن النشطاء والصحفيين وقتل المعارضين وغزو شبه جزيرة القرم، ثم قرار التدخل في سوريا ثم عزو أوكرانيا دون أن يراجع أحداً أو يخشى اعتراض أحد أو يأبه للتضحيات والخسائر التي ستقع جراء ذلك فيجلس إلى الطاولة المستديرة وأقرب وزرائه على بعد أكثر من عشرة الأمتار منه، مجسداً نموذج الحاكم والقائد القوي الذي يجمع كل مصادر القوة في يده ويؤكد على السلطة المركزية للدولة التي يمثلها هو، مستخدماً الأكاذيب والمعلومات المضللة، ولكن كل ذلك باعتقادي غير قابل للاستمرار أبد الدهر، فيأتي وقت وفي ظل المتغيرات العالمية وامتداد فترة الحكم والظلم وتراكم الضغوط والمظالم داخل المجتمع يشكل كل ذلك فتيلاً قابلاً للاشتعال بشكل لا يتوقعه الحاكم، فنرى روسيا الآن بعد قرابة ربع قرن من حكم بوتين وهي تملك حدوداً شبه محاصرة تمامًا من الناتو والدفاعات الروسية تُسقط المسيرات الأوكرانية قبل سقوطها في موسكو ولعل القادم أسوأ برأيي، غير أن الملاحظ في هذا السياق هو أن مثل هذه الشخصيات التي غالبًا ما يذكرها التاريخ باللعنات أو على الأقل بشكل سلبي للغاية تصبح ملهمة لكثير من الحكام الذين يريدون أن يحذوا حذوها ويقتدون بها ويرونها مثلاً أعلى لهم ولا أدري أهذا غريب أم هي طبائع البشر وشهوة السلطة والنفوذ.

Comments

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *